تقارير وتحقيقات

شمال سوريا : نبع سلام أم شرارة حرب ؟

بقلم/ خميس محمود  

شمال سوريا : نبع سلام أم شرارة حرب ؟

من المتعارف عليه أن قيام الدولة بعملية عسكرية يكون في حالات محددة منها،حالات تحرير

للرهائن التي لديها في دولة أخري أو في حالات وجود قوات أسري هناك أوفي حالات الاعتداء

المتبادل فيما بينهم ولكن الوضع في سوريا عكس ذلك ،فأطلقت تركيا علي تلك العملية نبع

السلام بهدف محاربة ماأسمتهم بالجماعات الإرهابية ، وذلك بعد ساعات من سحب الولايات

المتحدة قوات لها من المنطقة .

فتنطلق تلك العملية العسكرية التركية في شمال سوريا في ظل أجواء من التنسيق وعقد

الصفقات والمساومات والمشاورات المسبقة والترتيبات والوعود المتبادلة بين تركيا وبين الطرف

الأمريكي والروسي ، وأيضا الطرف الايراني بحكم تواجده وتأثيره في دوائر اتخاذالقرار في سوريا.

أهداف تركيا من عمليتهاالعسكرية في سوريا

وفي هذاالسياق ، تنطلق السياسة الخارجية التركية من منطلقات جيبولوتيكية للسعي نحو

السيطرة وتحقيق العديد من الأهداف ،وتتمثل محركات الموقف التركي في الشمال السوري في

الأهداف التالية:

أ- منع اقامة فيدرالية في سوريا

تتخوف تركيا من

[1] اقامة فيدرالية في سوريا يستفيد منهاأكراد شمال سوريا الذين يؤثرون بالطبع في نظرائهم في الجنوب التركي ، ومن ثم تبدأعملية التدهور ومشكلات داخلية تعمل علي تمزق المجتمع التركي وحدوث أزمة الهوية وتذبذب داخلي .
ب- تغيير هوية شمال سوريا
تسعي تركيا وفق خطة ممنهجة إلي

[2] “تتريك ” الشمال السوري منذ دخول قواتها إلي هناك ،وذلك ليس منذ تلك العملية العسكرية

ولكنها من قبل منذ احتلال عفرين في شمال سوريا من قبل القوات التركية وهي تسعي إلي

التتريك من خلال فرض اللغة التركية والتاريخ الطوراني علي الدول العربي ،وتتريك المناهج

الدراسية وتغيير أسماء الشوارع العربية إلي تركية ،ومنع تسمية الأطفال الجدد بأسماء عربية

وترديد النشيد التركي في المدارس وحمل العلم التركي وذلك بعد أن أقامت تركيا المؤسسات من

مدارس ومستشفيات وبريد ومصارف وبنوك تتعامل بالليرة كعملة رسمية .

ج- تحرير تنظيم داعش واستخدامه كحرب بالوكالة في المنطقة

[1] -محمد قشقوش ،صراع النفوذالعسكري والأمني في شرق المتوسط ،السياسة الدولية ،213،يوليو2018

[2] -إلهامي المليجي،أنتبهوأردوغان يغيرهوية شمال سوريا،الأهرام العربي ،1126،24نوفمبر2018

      لم يكن الهدف كماأعلن عنه الرئيس التركي رجب طيب أردوغان وبالتالي ليس من مصلحته

استقرار سوريا وخاصة في ظل سيطرة أكراد سوريا علي تنظيم داعش[1] فبالتالي الهدف هو

تخفيف قبضة وسيطرة الأكراد علي ذلك التنظيم والانشغال بمحاربة القوات التركية ، ومن ثم

يتحررتنظيم داعش فيستخدم كحرب بالوكالة في المنطقة ممايهدداستقرار دول المنطقة

واستخدامهم كأذرعة تضرب بها تركيادول المنطقة العربية وبالتالي تصبح كحرب استنزاف لموارد

وقدرا الدول في ظل محاربتها للارهاب في ظل وجود حالة الفوضوية التي ستحل علي المنطقة .

د- السيطرة علي ثروات سوريا والحصول علي الغاز في منطقة شرق المتوسط

تتركز أغلب حقول النفط في شرق[2] وشمال شرق سوريا ،لذلك تسعي تركيا للسيطرة علي

حقول الغاز والنفط، والسيطرة علي إمدادات الطاقة حتي يتعزز موقعها الاستراتيجي علي الصعيد

العالمي كمركز حصري لإمدادات الطاقة في أوروبا ،وذلك في ظل توتر علاقة تركيا مع اليونان

وقبرص ومصر في منطقة شرق المتوسط.

هـ – منع استقرار سوريا
ليس من مصلحة أنقرة استقرار سوريا ففي حالة الاستقرار سوف يختفي تنظيم داعش تدريجيا

وبالتالي يعود اللاجئين من أوروبا مرة أخري ومن ثم فتركيا لاترغب في ذلك حتي تستمر في

استخدام ورقة اللاجئين كورقة ضغط علي الاتحاد الأوروبي في تنفيذ أجندة سياستهاالخارجية .
وفي سياق ذلك ، ستتواجد القوات التركية لتحقيق مبتغاهاهاقبل الادانة لها من قبل بعض القوي

وستقوم تلك قوات الأكراد في محاربتهم لتك القوات العسكرية وخاصة بعد قرار الرئيس الأمريكي

علي الأكراد حماية أنفسهم ولاتتدخل الولايات المتحدة في حرب مع تركياباعتبارالأخيرة مشتركة

في حلف الناتو .

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى